فضاء حر

بؤس الساسة وقبح التسويات

يمنات

يبدو واضحا ان للتسوية مسارات متعددة ومناهضة حتى لبنود ومضمون التسوية في مسارات تحاكى اجندة غير مكتوبة ابرزها مساران اثنان فمساري الاغتيالات والتعينات (السرية منها اضعاف اضعاف المعلنة) مساران متلازمان وكأن كل منهما يكمل الاخر مع ماتضيفه مسارات اخري موازية.. كلها تصب في اعادة بث البقاء والتمدد للحقبة السوداء هي الحقبة المثار عليها شعبيا التي تتشكل الان بنفس الشكل والجوهر الممثل لتلك الحقبة وتعيد دورتها القادمة أو هي تسعى كذلك.. ولكن بممارسات تبدو وهى بادئ امرها اشد واقسى قبحا وايلاما على الشعب..

في مسار الاغتيالات الموازي للتعيينات والمكمل لها والتي طالت القيادات الجنوبية والامن السياسي وقد تناولت ذلك في مقالات منشورة لكن في محاولة اغتيال الدكتور ياسين وما احيط بها من صمت رسمي في حالة استهداف لرجل وحده الان يتحرك ضمن مساحة الوطن متجاوزا حتى (ومؤجلا وبكون الرجل اكبر من حزب) عن مقتضيات دوره كأمين عام للاشتراكي في وضع اليمن وحنبتها التاريخية على حد توصيف الصديق اسكندر شاهر فوق كل محاولاته الطامحة في ترضية اطراف عجزت ثروات اليمن المنهوبة ارضا وانسانا عن اشباع نزواتهم ومطامعهم الجهنمية وبرغم ما يصدر من تصريحات منهم تتظاهر رضائها عن اداء الرجل ففي المقابل كشفت حقيقتها في التقليل والتهوين من خطر حقيقي كاد ان يودى بحياة وطن يسكن عقل وضمير وقلب الرجل وهذا هو التجلي الابرز لمكنون الموقف المبطن تجاه المشروع المدني السلمى واخر ما يجمع عليه اليمنيون وخلو ساحته من اي مطمع بالجاه والمال والحكم، فما يخشون في رجل كهذا سوى مشروع العدالة كاستحقاق شعبي وليس شخصي أو حزبي.

 من هنا وفي السياق التالي اتوجه برسالة لقوى الحداثة في منظومة المشترك وشركائه وقد أيقنا وأعيتنا الحيلة في اشباع نهم (هؤلاء) على ان ترضيتهم لن تقف وليس لها حدود لو اردناها و فحوى الرسالة الى مزعوم قوى الحداثة قاطبة في مزعوم المشترك الكف ليس عن اهدار الفرص والتضحيات فيما ضاع وفيما تبقى من ثورة تقف على الضد منها بقمع إعلامي وسياسي سيؤول الى قمع مسلح بأدوات عسكرية حاكمة ماضيا وحاضرا وعليها ان تكف عن صفحات هؤلاء الحالكة السواد وهو ما ستأتي عليه..

 

شتان بين الظروف التي نشأ على اساسها المشترك وقد جاء ملبيا لحاجة كافة القوى السياسية المنضوية في اطاره وملبيا لتحديات المرحلة ومواجهة الميزان المختل ومن الطبيعي ان تكون الرؤى واللوائح محكومة بميزان تلك المرحلة لكن معطيا ت مرحلة ما بعد 11فيراير بما صنعته من ظروف ومعطيات ومناخات رحبة و فرتها ثورة الشباب الشعبية السلمية، التي انفتحت امام قوى الحداثة تحديدا فضاءات لا حدود لها تمنح مشروعها المدني المؤجل امكانات لا حدود لها وهنا ايضا انفتحت قنوات وطنية واقليمية واتسعت لولا انها بقيت حبيسة النمط ا المتكرر السابق للثورة اسير الفكرة السابقة لثورة التغيير الشامل.

 

وحدها الاحزاب الحداثية في اطار المشترك ومنها الاشتراكي بقيت محشورة في تلك الزاوية الضيقة وقيدت كل ادواتها الا بانتظار قرار المشترك وهنا الخلل الفادح للميزان حين راح الاخر يتحرك بكل ادواته عبر كل القنوات بعيدا عن شركاء المشترك ولكن بأصابع متعددة لذراع واحدة فالتحرك في الساحات بأجندة خاصة وعبر قنوات اقليمية تحرك بمفرده مع السعودية ومع قطر وتركيا و في شبكات واسعة ومتعددة ماليا وسياسيا وعسكريا واعلاميا منفردا بأجندة خاصة ومعادية من نواحي شتى لأهداف الثورة.. لا بل راح يتحر ك في الشأن السوري وفق ترتيبات تسئ لاحقا لعلاقات الشعبين..

وقرار من هذا النوع هو الاخطر حيث انفرد بقرار السلاح محليا بما ترتب على هكذا قرار من ضرب للطابع السلمى للثورة ومخرجاتها اللاحقة وراحت تستحضر وتستدعي.

 لو توقفنا قليلا امام محطتين مفصليتين في الثورة امام مشهدي مذبحة الكرامة بصنعاء وهولكست تعز ومتتاليات المشهدين فتسارع اتساع الشرخ في جدار النظام وحتمية سقوطه ومؤداه.. تظاهر فريق من النظام في خلاف مشخصن مع راسه صالح لا يلامس جوهر البنية الذى هو جزء اصيل منه بدعوى تأييد الثورة و من موقع خشيته من اللحظة الثورية بتزامن مع دور إقليمي تحرك مسرعا لإنقاذ ادواته و استعداد للتضحية برأسه ومحيطه القريب عبر تسوية اسميت (مبادرة).

وما تلى مشهد محرقة تعز كاستهداف لقلب الثورة وحاضنتها بتحرك طرف منفرد ايضا باتجاه عسكرتها واخراجها من مسارها السلمى وبما يخرجها من طابعها الاجتماعي الشامل دون العودة لهيئات المشترك وجرى عمل اخر استنساخ ساحات ثورية متناثرة نتائجها بدت وكأنها تفريغ للساحة الام والعمل الثوري الجمعي الى جزر، وفي استدعاء مبتذل ورخيص لمخزون ثقافة من نوع ذاك النياح الإعلامي المبتذل (وا قبيلتاه وا سلاحاه واغارتاه و مشيختاه وووو) والتي بلغت حد الاستهانة بالمرأة ودورها الريادي المتقدم في صف الثورة السلمية في مشهد (حراق المقارم وتفعيل القبيلة والسلاح؟؟؟؟) وكل ما هو على الضد من قيم الثورة السلمية.. وهنا راينا دور القوى الحداثية في اطار المشترك طبعا) وفي تعز تحديدا غياب لافت لأدائها وتحولها الى تابع ازاء كل ما يجري في حين برز دور الشارع بمستويات من الوعى المتقدم كثيرا عن مستوى النخب القيادية السياسية وفي الاداء اليومي التصعيدي وتحرك منظومة شاملة من قوى هى على الضد من ثورة الشعب مثلا، بدت كفاتنة حسناء في عيون(المذعورين والطامعين معا) وملاذا امنا لهم من عاصفة التغيير المحمولة على ثورة شعبية لم تكن في حسبان الساسة والتي ستاتي على اجتثاث منظومة حكم قائم لعقود بمشروع اجتثاث لبنية التخلف وملحقاته وتحرير موارد منهوبة ومغتصبة مؤجرة ارضا وبحرا وسماء..

 

وكعجوز شمطاء كشفت التسوية مبكرا عن بشاعة قبحها وسوء مألات الاقتراب منها ناهيك عن هلاك الارتباط بها بدت كذلك في عيون ثورة الشباب والشعب الثائر وكانوا في قراءتهم اثقب بصيرة من الساسة حين تبدو اليوم حالة (التسوية تعرقل التسوية)

من هنا كان ان افرزت الساحات خطان اثنان خط الثورة السلمية والمعقود عليه وحده كخيار وحيد للتغيير الجذري والذهاب الى مشروع  الدولة المدنية بأدوات مدنية وليس بأدوات التخلف ؟؟؟ .

وقبل أ ن اعرج على ترسم خط الثورة ومعوقاتها وافاق تحولاتها الواقعية سأتناول خط التسوية من الزاوية التي اختزلت مسارها بشكل متدرج ومائل نحو الاستحواذ والاستئثار (الفيدي) على خطى الاستفراد الشامل بمفاصل الحكم في مسعى يتجه الى النتائج التي يراد بها سحب البلد مجددا الى قبضة ذات الفريق..

 

وفيما ظهرت بجلاء شواهد الاقصاء المتدرج لقوى اساسية في المشترك على النحو الذى يبدو فيه غيابه ليس في توزيع الحقائب السياسية بل في مجمل سلسلة التعيينات غير المعلنة (وهنا لتأكيد ما اقول اتحدى مزعوم قوى الحداثة في المشترك ان تمتلك وتقدم حصيلة التعيينات المعلنة وضعف اضعافها غير المعلنة لتبرهن انها على علم بما يجرى من تحرك منفرد ايضا ومن تحت الطاولة بين هؤلاء ومؤسستي الرئاسة والحكومة ان هي تكابرت وادعت وغضت الطرف لماذا لا تتحرك من موقع التصدي الان ولها ان تنقض قولي بانفراد الاخر بالقرار و تقدم قوائم التحشيد العسكري والأمني من واقع الميدان لطرفي فريق التخلف المثار عليه الا من فتات لها هنا وهناك لنكتشف كم هي غائبة هذه القوى بل مغيبة حتى عن التسوية التي اثرتها على حساب جموع الشعب التي من الناحية البرنامجية تدعى انحيازها له فأقول لا هى حاملة اهداف الثورة ولا هى  ربحت التسوية.

 

وفيما راح فريق الاحتواء يتحرك وعبر شبكات واسعة ومتعددة اقليميا ومحليا ودوليا حين هب الاخير لإنقاذ نظامه الوكيل بما أستطاع وبتضحية لا تتجاوز راس النظام ومحيطه القريب وتحفظ بنية وكيل مصالحها (كبنية قائمة) و بعضها أي القنوات انفتحت واتسعت بفعل الثورة. في مؤشر كلى يحدد علامات الاقصاء والانفراد بالقرار والتحرك على هذه المساحات بمنأى عن شركائه و بعودة منظمة لفريق الاستبداد ليس على حساب التضحيات وحسب وبتغييب واسع للشركاء وامام صمت وتعامى وشلل مشروع محسوب للحداثة لا بل كان مكانه الطبيعي ساحة الشعب الثائر ونراه شيئا فشيئا يغادر الان ويخلى كل الفضاءات الرحبة التي وفرتها ثورة الشعب الا من فتات وخسر مساحة شعبية هائلة كانت بالأصل معولة عليه او هو كان جزء اصيل من احلامها المهدورة؟

وخطر من نوع اخر في محصلة التعيينات التي شهدتها محافظات محيط صعدة وما تمثله تلك الشخصيات من مواقف واصابع شاركت في حروب صعدة الستة وكأن عبد ربه يشارك بالتحضير لحروب قادمة وكان الاولى ان تسد المواقع تلك بعناصر محايدة وقد شغرت محافظين ومدراء امن سواء بالتعيين او التثبيت وارتباط ذلك بما تلى تلك التعيينات موضوع حركة التنقلات في الوية عدة في نفس المحيط وكذا زيارة على محسن وصفقة السلاح المقدمة له من السعودية مؤخرا.

زر الذهاب إلى الأعلى